ويرى الشاب محمد الصواف، الذي فقد معظم أفراد عائلته خلال العدوان، أنّ ما يسمى بخطة ترامب لم ينعكس على حياته حتى الآن.
ويقول الصواف، لـ«الأخبار»، إن «القصف والقتل والتشريد مستمر، وخطر الموت حاضر في كل لحظة، وما نسمعه هو كلام في الإعلام، أما على الأرض فكل شيء على حاله، فقدنا أهلاً وأحبة، وفقدنا معظم ما هو جميل في غزة وكل ما كان يضفي علينا أملاً بالحياة».
ويضيف الصواف: «مع ذلك، نتوق إلى أن تتوقف الإبادة وأن ينتهي هذا الكابوس المستمر منذ عامين»، معرباً عن أمله و«أمل كثيرين هنا أن نبقى على أرضنا ونسترد شيئاً من كرامتنا وحياتنا».
ويستدرك: «هذا الأمل يختلط بعدم ثقة في ترامب، أراه شريكاً وحكومته والحكومة التي سبقتها في جرائم الحرب والإبادة، ولا نعول عليه خيراً».
ويؤكد الصواف أن من يواجه الموت يتعلق بأي بارقة فرصة، أو «إن شئتم تسميتها مبادرة، لعلنا نلملم ما تبقى منا ونحاول الاستقرار واستعادة جزء من حياتنا».
الحرب لم تترك لنا شيئاً
أما سندس فياض (30 عاماً) فتؤكد، لـ«الأخبار»، أنّ حياتها، كمواطنة فلسطينية من قطاع غزة، «تغيّرت بالكامل، وأصبح كلُّ يوم يشكل تحدياً جديداً من أجل البقاء، ومحاولة للتأقلم مع واقع لا يُشبه الواقع في أيَّ مكان آخر في العالم».
وتقول فياض إن الحرب لم تترك لها شيئاً على حاله لا البيت، ولا الأحلام، ولا حتى الإحساس بالأمان.
لكنها تشير إلى أنها تحاول أن تعيش على الأمل «فأحياناً نشعر أن الحرب لا نهاية لها، لكن وجود أناس ما زالوا يحاولون أن يعيشوا ويتعلّموا ويحبّوا، رغم كلّ شيء، يمنحنا لمحةً صغيرة من التفاؤل، ولو كانت مؤلمة».
وتتمنى فياض أن تُستكمَل هذه الاتفاقيات دون عراقيل، و«أن نعود لنعيش بلا قصفٍ أو طيران، لعلّنا نستعيد حياتنا من جديد، فلم يَعُد يهمّني شيء سوى أن تنتهي هذه الحرب، لعلّنا ننجو من هذا الموت الممتدّ».
أين وقف إطلاق النار؟
أين وقف النار؟
وفي حالة من اليأس، يشير الخمسيني حمدي التتر، الذي نزح قبل أيام من مدينة غزة إلى وسط القطاع، إلى أنه لم يتغير أي شيء في حياته. ويقول، لـ«الأخبار»: إن «القصف متواصل والعربات المتفجرة تدمر المنازل، والأسعار بدأت في الارتفاع بعدما أغلق الاحتلال الإسرائيلي طريق الجنوب ليبقى من في شمال القطاع يواجه الجوع والعطش، على الرغم من إعلان ترامب عن وقف إطلاق النار فور موافقة حركة حماس على خطته، وهو مالم يحدث أبداً».
ويؤكد التتر أن «الأمل في الله وحده أن يوقف الإبادة، التي لم تترك لي بيتاً ولا أخاً ولا حبيباً، وأرغمتني على ترك مسقط رأسي ودفعتني إلى الخروج من غزة بلا أي شيء من مقومات الحياة».
ويتساءل: «أين وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه ترامب؟ وهل التهديد والوعيد لـ«حماس» فقط بينما يفعل الاحتلال الإسرائيلي ما يشاء؟».
غريق يتعلق بقشة
إلى ذلك، يؤكد أبو محمود عبد الله، لـ«الأخبار»، أنّ أمله الوحيد، بعد عامين من الحرب المدمرة، هو انتهاء الحرب «فكلما طالت تزداد شراسة وضراوة وقسوة».
ويقول: «نعلم أن شخصية ترامب متناقضة ولا يعول عليه في أي اتفاق، وكل ما يهدف إليه هو إظهار نفسه وإرضاء الاحتلال الإسرائيلي، ولكننا مثل الغريق الذي يتعلق بقشة من أجل الخروج من هذه الإبادة المميتة».
ويشدّد أبو محمود على أن «التفاؤل الحذر» هو ما يخيم على حياته «نظراً للتجارب السابقة التي خضناها خلال العامين المنصرمين».
شيء من الأمل
ويقول الأربعيني شريف الحافي لـ«الأخبار»، إنه أصبح لديه «شيء من الأمل» في العودة إلى مدينة غزة وبدأ يفكر في طريقة ترتيب وتوضيب أغراضه وطريقة العودة إلى بيته «الذي لا نعلم عنه شيئاً، هل لا يزال واقفاً، أم أن العربات المتفجرة قد دمّرته كحال غيره من المنازل في جل مناطق القطاع؟».
ويضيف: «نعيش على الأمل خوفاً من أن ننجرف إلى اليأس الذي لربما ينتهي بذهاب العقل نتيجة ما مررنا به منذ عامين وحتى الآن، فقد استشهد أحد أشقائي وأُسر آخرين ونزحتُ ما يقارب الثلاثين مرة، وجُوعت وأطفالي مرتين ولولا رحمة الله ونزوحي هذه المرة لربما كنا نعيش التجويع الثالث».
ويطالب الحافي الدول العربية والإسلامية بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف «المقتلة ومنع الإبادة التي نعيشها منذ عامين».
لنا في الهدنتين مثال
وعلى الرغم من تفاؤل المعتصم بالله سمور (16 عاماً) بخطة ترامب من أجل وقف الحرب، إلا أنه يحذر من «غدر الاحتلال الإسرائيلي بعد أن يتسلم أسراه، يعود للإبادة مرة أخرى».
ويقول سمور، لـ«الأخبار»: «لنا في الهدنة الأولى (تشرين الثاني 2023)، و الهدنة الثانية (كانون الثاني 2024) خير مثال، بعدما أخذ جزءاً من أسراه عاد لإبادتنا بشكل أكثر شراسة، وحرق الأخضر واليابس ومسح مدناً كاملة مثلما حدث مع مدينتي رفح وشمال قطاع غزة وحالياً مدينة غزة».
ويعبر سمور عن أمله في العودة إلى مدينة غزة التي نزح منها قبل أسبوعين، مضيفاً: «تعبنا من الحرب التي حرمتنا التعليم والعيش بكرامة، وتركتنا للعيش في البراري من دون أدنى مقومات الحياة الإنسانية الآمنة».

